الشاهد والذي يهمنا الآن هو أن نوضح أن هذا التاريخ أو هذا المنهج الواضح الذي كان منذ أن بعث الله تبارك وتعالى الرسل الكرام، بعد أن انحرفت البشرية أيام نوح عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم وإلى اليوم؛ أن هذا المعلم واضح جداً متميز جداً، وأن أي شائبة تشوبه من شوائب الفكر الوثني أو الخرافة أو الأسطورة أو ما أشبه ذلك، فإنها تعكر نقاءه، وتكدر صفوه، هذا -مع الأسف- ما وقع في التاريخ الإسلامي وفي الفكر العقدي الإسلامي الديني.نحن في الحقيقة ليس من منهجنا في هذه الحلقات أن نناقش تفصيلات الانحرافات عند الفرق العقدية الإسلامية؛ بقدر ما يهمنا أن نقارن بين مناهج ثلاثة: بين المنهج الإسلامي النقي، والمنهج
العلماني ، والمنهج الوثني أو المنهج المنحرف أو المشوب بالأساطير القديمة والحديثة المتلبسة بثوب العلم أو بغيره.لكن عندما ألمحنا أو أشرنا في اللقاء الماضي إلى الفلاسفة وإلى مواقفهم، وإلى أن الفكر
العلماني اللاديني, وأنه يعتبر أن الفلسفة هي مرحلة راقية من تاريخ التطور الإنساني -يعني: ما قبل الفلسفة ومرحلة الهمجية ثم بعدها مرحلة التطور الفكري- وأن النبوة عندهم إما غامضة لا تذكر, وإما تندرج في مرحلة ما قبل الفلسفة, وإما أنها معادية للتفكير العقلي والتفكير التنويري.. إلى آخر ما هنالك من اختلافات.لما كان ذلك فإنه يجدر بنا أن نشير ونوضح أن النظرة إلى النبوة بهذا الشكل بما يشوبه من شوائب، تأثر بها علم الكلام الإسلامي كما تأثرت بها الفلسفة المسماة بالفلسفة الإسلامية.